السبت، 10 ديسمبر 2016

نمـاذج التـدريـس، استراتيجياته، وطرقه، ومهاراته

نمـاذج التـدريـس، استراتيجياته، وطرقه، ومهاراته


          يتضمن التخطيط لتدريس وحدة دراسية أو محتوى تعليمي معين عدداً من القرارات التي ينبغي على المعلم اتخاذها، كمعرفة المحتوى التعليمي، والممارسات التعليمية– التعلمية، وتحديد نقاط القوة والضعف في المحتوى، ومعرفة حاجات واهتمامات طلبته، وأفضل طرق التدريس وأكثرها فاعلية، والإطار العام للتقويم وأدواته المناسبة. إنّ التعليم الفعّال لا يعد مجرد مجموعة من الممارسات الذكية فقط، بل مجموعة من القرارات التي ينبغي أن تتخذ حول كيف، وماذا نعلم؟ فالمعلم الفعّال، هو المعلم الذي لا يستخدم نفس الممارسات التعليمية في كل حصة صفية، بل يتأمل بكل ما يقدمه لطلبته، ويلاحظ ممارساتهم التعلمية، وهل يتعلمون بالفعل أم لا؟ وفي ضوء ذلك يقوم بتغيير نشاطاته وممارساته التعليمية (Glickman, 1991). 
          ولوجود عدد لا بأس به من المتغيرات التي يجب أن يأخذها المعلمون بعين الإعتبار عند اتخاذهم لقراراتهم المتعلقة بالتدريس، فمن الضروري أن يكون لديهم قاعدة مفاهيمية وإطار عام للأهداف المحورية والعامة والخاصة بكل مبحث يقومون بتدريسه، وذلك لفهم مستوى القرارات التي يتخذونها لتحديد نماذج التدريس، واستراتيجياته، وطرقـه، ومهاراته المناسبة لتقديم محتوى تعليمي معين للطلاب. ويوضح الشكل التالي الإطار العام للمنهاج المحوري. 


                                                               الاطار العام للمنهاج المحوري

          يوضح الإطار العام للمنهاج المحوري العلاقة التبادلية بين الأهداف المحورية، والمنهاج بأهدافه العامة والخاصة، والتدريس بنماذجه واستراتيجياته وطرقه ومهاراتـه، وبيئة التعلم. كما يوضح أهمية اتخاذ القرار بخصوص إختيار استراتيجيات التدريس، والطرق الفاعلة لتحقيق الأهداف العامة للتربية من خلال منهاج محكم يرتبط بطريقة فاعلة مع الأهداف المحورية من جهة، ومع استراتيجيات التدريس من جهة أخرى. ويشير كذلك الى أهمية توفير بيئة تعلم فاعلة تأخذ بعين الإعتبار حاجات الطلاب، وقدراتهم، وإهتماماتهم. وفيما يلي توضيح أكثر تفصيلاً لكيفية ارتباط نماذج التدريس باستراتيجياته وطرقه ومهاراته. 


          يوضح الشكل التالي الاطار العام للتدريس الذي يحدد، ويوضح العلاقات التبادلية بين نماذج التدريس المستخدمة التي تتناسب وتوجهات مشروع تطوير مناهج الرياضيات والعلوم، فهي تعد النماذج المرجعية لتحقيق الاهداف العامة المحورية للتربية والتعليم، ويمكن تطبيقها لتحقيق الاهداف العامة والخاصة لمختلف المناهج الدراسية. كما يوضح الشكل مستويات نماذج التدريس بمحتواها العريض وصولاً الى مهارات التدريس التي تمثل سلوك تعليمي محدد يقوم به المعلم.
                                                       الإطار العام للتدريس

ويوضح الشكل التالي العلاقة بين نماذج التدريس واستراتيجياته وطرقه ومهاراته


            العلاقة بين نماذج التدريس واستراتيجياته وطرقه ومهاراته




يشير الأدب التربوي إلى وجود أربعة نماذج رئيسة للتدريس (Joyce and Weil, 1986 )، وفيما يلي ملخص لهذه النماذج:

نموذج معالجة المعلومات

يركز هذا النموذج على اكتساب وإتقان ومعالجة المعلومات، إذ إن الأساس في هذا النموذج التركيز على الوظيفة المعرفية للطالب. 

نموذج التعلم الذاتي

يكون التركيز في هذا النموذج على تطوير مفهوم الذات لدى المتعلم، وهذا يتضمن تطوير الطرق التي يستخدمها المتعلم في بناء وتنظيم ذاته الخاصة. إن التركيز على مفهوم الذات القوي والواقعي يساعد المتعلم على بناء علاقات الإتصال والتواصل مع الآخرين، ومع البيئة التي يتفاعل معها. 

نموذج التفاعل الاجتماعي

يركز هذا النموذج على بناء العلاقات الإجتماعية بين الأفراد والجماعات. والأساس في هذا النموذج العمل على تحسين قدرة المتعلمين على التفاعل والإنخراط مع الآخرين ضمن بيئة ديمقراطية، والوصول بالمتعلم إلى فرد منتج في مجتمعه. 

النموذج السلوكي

يركز النموذج السلوكي على تغيير السلوك الظاهر للمتعلم ليتناسب مع مفهوم الذات لديه. وكنتيجة مبنية على أساس نظريات المثير والاستجابة / التعزيز، يركز النموذج السلوكي للتدريس على تقسيم مهمات التعلم إلى سلسلة من مهمات التعلم الصغيرة على شكل سلوكات ومهمات متتابعة. 

إن نماذج التدريس المذكورة ليست بالضرورة النماذج الحصرية للتدريس. ويمكن لوحدة تدريسية أن تبنى على أكثر من نموذج, ويمكن لدرس واحد كذلك أن يعتمد على أكثر من نموذج للتدريس.


تتضمن عملية اتخاذ القرار من المعلم عند اختياره استراتيجيات التدريس، التركيز على محتوى المنهاج، وعلى الخبرات والمعرفة السابقة للطلاب، واهتماماتهم، وأنماط تعلمهم، ومستوى التطور العقلي لديهم. مثل هذه العملية تتضمن أيضا التركيز على أدوات التقييم المستمر والمرتبطة بأهداف التعلم العامة والخاصة. 

وعلى الرغم من أنه يمكن تصنيف استراتيجيات التدريس, إلا أن هذه التصنيفات تتداخل فيما بينها، وكمثال على ذلك يمكن للمعلم أن يقدم المعلومات مستخدماً طريقة المحاضرة ( من إستراتيجية التدريس المباشر )، بينما يقوم باستخدام الطريقـة التفاعليـة (من إستراتيجيـة التدريس غير المباشر) ويطلب من طلبته تفسير المعلومات التي قدمها بطريقـة المحاضرة. 

يوضح الشكل التالي خمس استراتيجيات تدريسية متداخلة، ويلي ذلك توضيح لهذه الاستراتيجيات، وسيأتي توضيح آخر لها عند الحديث عن طرق التدريس. 

                                                                          استراتيجيات التدريس


التدريس المباشر

تعد إستراتيجية التدريس المباشر من أكثر الاستراتيجيات استخداما من المعلمين. وتتضمن هذه الإستراتيجية طرق تدريس متعددة مثل، المحاضرة، والحوار والمناقشة، والتدريب والممارسة، والعروض التقديمية. . . وغيرها. 

          وتعد هذه الإستراتيجية من الاستراتيجيات الفعّالة في تقديم المعلومات، والتدريب على المهارات التي تتضمن سلسلة من الخطوات, وهي فعالة أيضاً عند استخدامها مع طرق تدريس أخرى, أو عند إشراك الطلاب في بناء المعرفة. 

وهذه الإستراتيجية عادة تعد من الاستراتيجيات الاستنباطية، إذ يتم تقديم القاعدة أو التعميم ثم توضح عن طريق الأمثلة. ويمكن للبعض اعتبار هذه الإستراتيجية من أسهل الاستراتيجيات استخداماً من حيث التخطيط والتنفيذ. وتجدر الإشارة هنا إلى أن التدريس المباشر الفعال غالباً ما يكون أكثر تعقيداً مما يبدو عليه للوهلة الأولى. 

         يستخدم المعلمون هذه الإستراتيجية بشكل واسع، وبخاصـة في المراحل الدراسيـة العليا ( الأساسية العليا, والثانوية ). لذلك فإن الاستخدام الشائع لطرق التدريس المباشر بحاجة إلى إعادة تقييم. وهناك حاجة أيضاً إلى معرفة حدود هذه الطرق في تطـوير القدرات، والممارسات، والاتجاهات الضرورية لتطوير مهارات التفكير الناقد، أو مهارات التعلم عن طريق التفاعل مع الآخرين، أو مهارات التعلم التعاوني. وحتى يضمن المعلم تحقيق أهداف التعلم لدى طلابه فانه بحاجة إلى أن يوظف استراتيجيات تدريس متنوعة داخل صفه. 

التدريس غير المباشر

            الاستقصاء، والاستقراء، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات، والاكتشاف جميعها مصطلحات تستخدم عند وصف إستراتيجية التدريس غير المباشر. على عكس إستراتيجية التدريس المباشر، تتمحور إستراتيجية التدريس غير المباشــر حول الطالـب ( student centered ) على الرغم أن كلاً منها يكمل الأخـرى. ومن الأمثلة على طـرق التدريـس غير المباشر، المناقشـة التأمليــة ( reflective discussion )، وتكوين المفهـوم ( conceptformation )، واكتساب المفهوم ( concept attainment )، وحل المشكلات، والاستقصاء الموجه. 

             تبحث إستراتيجية التدريس غير المباشر عن مستوى عال من مشاركة الطلاب في الملاحظة، والتحقق، واستنتاج العلاقات من البيانات، وتكوين الفرضيات.  وتركز على اهتمامات الطلاب وإبداعاتهم في وضع البدائل أو حل المشكلات.  إنها إستراتيجية مرنة تعمل على إتاحة الفرص للطلاب لاستكشاف الاحتمالات المتعددة التي تقود إلى إجابات صحيحة، واستبعاد تلك التي تقود إلى إجابات خطأ. وتشجع هذه الإستراتيجية كذلك الطلاب على الإبداع، وتطوير قدرات ومهارات التفاعل مع الآخرين، فغالباً ما يحصل الطلاب على فهم أفضل للمحتوى التعليمي من خلال تطويرهم لهذه المهارات والقدرات. 

           في إستراتيجية التدريس غير المباشر يتحول دور المعلم من المحاضـر الملقن إلى الميسر والداعم لتعلم الطلاب. يقوم المعلم هنا بتنظيم بيئة التعلم، وتوفير فـرص المشاركـة في التعلم، وتزويدهم بالتغذية الراجعة، وبخاصـة عندما يتعلمون بالاستقصاء (Martin, 1983). إن التدريس غير المباشر بحاجـة إلى توفير مصادر تعلم متعددة، مطبوعة، وغير مطبوعة. وهو بحاجة إلى التعاون بين معلمي المبحث الواحد من ناحية، ومعلمي المباحث الأخرى من ناحية أخرى، ويحتاج أيضاً إلى تفهم الإدارة المدرسية لمتطلبات مثل هذه الإستراتيجية في التدريس. 

        يمكن استخدام إستراتيجية التدريس غير المباشر في كل حصة صفية تقريباً، وتحديداً يمكن استخدامها عندما:

-       تكون أهداف التعلم مبنية على تطوير التفكير. 

-       يكون الغرض من الأهداف تطوير القيم والاتجاهات وعلاقات التفاعل الاجتماعي بين الطلاب. 

-       تكون طريقة التعلم مهمة مثل الهدف. 

-       يكون الطلاب بحاجة إلى استقصاء أو اكتشاف شيء ما. 

-       يكون هناك أكثر من إجابة صحيحة. 

-       يكون هناك حاجة إلى الفهم والاحتفاظ بالتعلم لفترة أطول. 

-       يكون هناك حاجة إلى مشاركة الطلاب وإثارة الدوافـع الداخليـة لديهم لمزيـد مـن التعلم. 

-       يكون هناك حاجة إلى اتخاذ قرارات أو حل مشكلات. 

-       يكون التعلم المستمر مدى الحياة هدفاً. 

        وحتى يضمن المعلم استفادة طلابه بشكل جيد من إستراتيجيـة التدريـس غير المباشر، عليه أن يقوم بتدريب طلبته بشكل مسبق على مهارات الملاحظة، وتسجيل الملاحظات وترميزها، والتصنيف، والمقارنة، والاستدلال، وتفسيـر البيانـات، والتنبؤ، والتلخيص. . . وغيرها. 

         إن إستراتيجية التدريس غير المباشر مثلها مثل بقية الاستراتيجيات تعاني عيوباً مثل الحاجة إلى مزيد من الوقت مقارنة مع إستراتيجية التدريس المباشر، وشكوى المعلمون، والإدارة المدرسية من قضية الضبط الصفي. ولا تعد إستراتيجية التدريس غير المباشر الإستراتيجية المثلى لتزويد الطلاب بالمعلومات، أو اكتساب مهارة مكونة من عدة خطوات، أو عندما يكون الهدف تذكر أو استدعاء المعلومات في المحتوى. 

 التدريس التفاعلي

         تعتمد إستراتيجية التدريس التفاعلي بشكل رئيس على الحوار والمناقشة، ومشاركـة المتعلمين في الفعاليات، ويعمل الحوار والمناقشة على تزويد المتعلمين بفرص التفاعـل مع أفكار وخبرات ومعارف المعلم والأقران، وإتاحة الفرصـة لهم لتوليد أفكـار وبدائل جديدة (Seaman and Fellenz, 1989 ). ويمكن للطلاب أن يتعلموا من أقرانهم ومعلميهم لتطوير مهارات التفاعل الاجتماعي لديهم, وتطوير قدراتهم لتنظيم تفكيرهم، وتطوير المبررات للأفكار التي يقومون بطرحها. 

         تتيح إستراتيجية التدريس التفاعلي مجالاً واسعاً لتنظيم العمل في مجموعات، وتوظيف طرق تفاعلية متعددة. ويمكن أن تشمل هذه الطرق جعل الصف كاملاً مجموعة مناقشة واحدة، أو تقسيمه إلى مجموعات مناقشة صغيرة، أو مجموعات مشاريع، أو يمكن توزيع طلاب الصف الواحد على شكل أزواج يقومون بعمل المهمات المطلوبة معاً. إن من الأمور الهامة هنا قيام المعلم بتلخيص الموضوع أو المهمة / المهمات المطلوبة بشكل واضح، وإدارة الوقت المخصص للمناقشة، وتحديد خصائص وحجم المجموعات، ومعرفة آليات المشاركة وتقنياتها وكيفية تقديم التقارير، وتقييم عمل المجموعات. إن هذه الإستراتيجية بحاجة إلى تطوير مهارات متعددة مثل الملاحظـة، والاستماع، والتفاعـلات البينية ( التفاعل بين الأفراد )، وتطـوير القدرات والمهارات الإبداعية لكل من المعلم والطالب. 

         إن نجاح إستراتيجية التدريس التفاعلي وطرقها المتعددة يعتمد بشكل كبير على خبرة المعلم في إدارة عمل المجموعات وتطويرها بين فترة وأخرى. 

التعلم المبني على الخبرة

يعد التعلم المبني على الخبرة تعلمـاً استقرائيا، يتمحـور حـول المتعلـم، ومبنـي على النشـاط. ويحدث التعلم المبني على الخبــرة عندمـا يعمل المتعلمون على (Pfeiffer &  Jones, 1979 ):

-       المشاركة في نشاط. 

-       البحث والتأمل بشكل ناقد في طبيعة النشاط لمزيد من الفهم. 

-       الخروج باستنتاجات مفيدة من تحليل النشاط. 

-       تطبيق النتائج التي توصلوا إليها في مواقف جديدة. 

      يمكن النظر إلى التعلم المبني على الخبرة على أنه دورة تتكون من خمس محطات مترابطة كل منها ضروري للأخرى وهي:

-       حدوث النشاط. 

-       المشاركة في النشاط. 

-       التحليل والبحث والتأمل. 

-       الخروج باستنتاجات وتعميمات. 

-       التطبيق في مواقف جديدة. 

        يكون التركيز في إستراتيجية التعلم المبني على الخبرة على الممارسات والنشاطات التي يقوم بها المتعلم أكثر من التركيز على الهدف نفسه. ويمكن للمعلم استخدام هذه الإستراتيجية داخل الغرفة الصفية أو خارجها. وكمثال على ذلك يمكن أن يقوم الطلاب بتشكيل محكمة داخل الغرفة الصفية على شكل محاكاة للمحكمة الواقعية، وفي خارج الغرفة الصفية يمكن أن يلاحظوا قاعة المحكمة بشكل واقعي والاطلاع على الإجراءات التي تقوم بها المحاكم وذلك من خلال دراسة يقومون بتنفيذها. ويستخدم الطلاب مصادر متنوعة ومتعددة في هذه الإستراتيجية. 

       ويؤخذ على هذه الإستراتيجية عدم إمكانية تطبيقها في جميع المواقف الصفية، وبخاصة أن هناك بعض النقد الذي يمكن أن يوجه للخبرات التي يمكن أن يكتسبها الطلاب، أو ما يتعلق بدرجة الأمان أثناء ممارسة النشاطات، أو التكلفة المالية للنشاط أو عدم توفـر الوقـت الكافي لتنفـيذ النشاط. وعلى أي حال فإن الفوائد التي يمكن أن يجنيها الطلاب من ممارسة النشاطات يمكن أن تعوض الجهود الإضافية التي تحتاجها هذه الإستراتيجية، كالاحتفاظ بالتعلم لفترة أطول مقارنة بالطرق التقليديـة التي تتضمن الاستماع أو القراءة أو حتى النظر، ويكون الطلاب عادة أكثر دافعية للتعلم، وبخاصـة عندما يقدمون خلاصـة أعمالهم لأقرانهم في الغرفة الصفية. 


التعلم الذاتي 

       يمكن أن يفهم من عنوان هذه الإستراتيجية أن التعلم هنا يحدث نتيجة جهود ذاتية يقوم بها المتعلم نفسه دون الرجوع إلى معلم أو مشرف يتابع مدى التقدم في التعلم. ولأغراض هذا البرنامج التدريبي يقصد بإستراتيجية التعلم الذاتي: بأنها مجموعة الطرق والوسائل التي يستخدمها المتعلم لتحقيق أهدافه التي رسمها لنفسه ولكن تحت قيادة وإشراف معلمه. إذ إن هذه الإستراتيجية يخطط لها بشكل جيد بالتعاون ما بين الطالب والمعلم، ويمكن أن يتم التعلم الذاتي بالتعاون مع الآخرين، أو من خلال مجموعات عمل صغيرة. 

         تعد هذه الإستراتيجية من استراتيجيات التدريس الهامة وبخاصة في هذا العصر الذي يتطلب اتخاذ القرارات المسؤولة، وتحليل المشكلات والتأمل فيها ومعالجتها، والتكيف مع التغيرات الاجتماعية التي تترافق مع التطورات المتسارعة في مجالات العلم والتكنولوجيا. لهذا يتضح أهمية إكساب الطالب مهارات التعلم الذاتي مدى الحياة الذي سينعكس على متطلبات التغيير في العمل والأسرة والمجتمع ( McNeil & Wiles, 1990). 

احد الأهداف الرئيسة الهامة لهذه الإستراتيجية هي: مساعدة الطلاب على الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس، وأن يكونوا مواطنين مسؤولين بتعزيز القدرات الفردية لديهم. ويمكن أن تقوم المدرسة بدور مهم في هذا المجال. وعلى أي حال إذا كانت المعرفة والقدرات والاتجاهات والممارسات ينبغي تعليمها عن طريق التعلم الذاتي فلا بد من توفير الوقت الكافي للطلاب ليقوموا بالمهمات التي يكلفون بها. ويمكن البدء باستخدام هذه الإستراتيجية اعتبارا من مرحلة الروضة والاستمرار بها في جميع المراحل الدراسية، ويكسبهم هذا القدرة على الاستمرار في التعلم حتى بعد مغادرة بيئة التعلم الرسمية في المدرسة. 

           ويشجع التعلم الذاتي الطلاب على تحمل المسؤولية في التخطيط لتعلمهم، واكتساب المعرفة بأنفسهم. ويمكن استخدام هذه الإستراتيجية مع استراتيجيات تدريسية أخرى, أو يمكن استخدامها بشكل مستقل لدراسة وحدة دراسية كاملة، ويعتمد ذلك على قدرة المتعلم في تحمل المسؤولية وعلى مستوى التطور العقلي لديه. وهذه العوامل مهمة للمعلم عند التخطيط لاستخدام هذه الإستراتيجية. 

         إن توفير مصادر التعلم المناسبة لهذه الإستراتيجية يعد أحد العوامل الهامة لنجاحها. إن المعلم الذي يرغب في أن يمتلك طلبته القدرة على التعلم الذاتي بحاجة إلى توفير الدعم اللازم لتطوير قدراتهم في الوصول إلى مصادر المعلومات. ومن الأمور الهامة هنا أن يقوم المعلم بالبناء على ما يمتلك الطلاب من مهارات وقدرات التعلم. هذه القدرات تتفاوت ضمن المجموعة الواحدة، لذلك ينبغي أن تؤخذ هذه الاختلافات بالإعتبار عند التخطيط للمهمات والواجبات التي ستعطى للطلاب. إن تعاون الإدارة المدرسية وأمين المكتبة وقيم مختبر الحاسوب في المدرسة، وتعاون المجتمع المحلي تعد من العوامل الهامة في نجاح هذه الإستراتيجية. 

       تعد هذه الإستراتيجية من الاستراتيجيات المرنة التي يمكن استخدامها كإستراتيجيـة رئيسة مع طلاب الصف, أو يمكن استخدامها مع طالب واحد، أو أكثر بينما ينشغل بقية الطلاب بالتعلم عن طريق استراتيجيات تدريسية أخرى. 


        بعد أن يتخذ المعلم قراره أي استراتيجيات التدريس سيستخدم، عليه أن يختار طرق التدريس المناسبة للإستراتيجية المختارة. وكما هو الحال مع استراتيجيات التدريس، فإن طرق التدريس أيضاً تتداخل فيما بينها، وتم تصنيفها هنا فقط للتوضيح، ويوضـح الشكل التالي هذه الطرق موزعة على استراتيجيات التدريـس الخمس التي تم توضيحـها سابـقاً، وسيتم تناول بعضهذه الطرق بشيء من التفصيل. 


                                                                        طرق التدريس
التدريس المباشر

المحاضرة: تعد هذه الطريقة جزء هام من الرصيد الذي يملكه المعلم عندما لا تتوفر الإمكانات لتوظيف طرق تدريسية أخرى. فإذا كان المعلم يمتلك المعرفة الكافية، والقدرة على إثارة الدافعية، وتطوير الإبداع، وحب الاستطلاع لدى طلبته فإنه يستطيع توظيف هذه الطريقة بفعالية عالية. إن المعيار لاستخدام طريقة المحاضرة يجب أن يأخذ بالاعتبار طبيعة الخبرات التي ينبغي تقديمها، وطبيعة الاهداف التعلمية المتوقعة من الطلاب. ولأن هذه الطريقة تتمحور حول المعلم فان انتباه الطلاب لما يلقى عليهم قد يكون محدوداً، فمعظم الطلاب وبسبب اختلاف أنماط التعلم لديهم قد لا يتمثلون محتوى المحاضـرة بشكل جيد، إضافة إلى أن المحتوى الذي يقدم بطريقة المحاضرة غالباً ما ينسى. 

الحوار والمناقشة: توفر هذه الطريقة للمعلم فرصة اختيار الأسئلة التي سيتم تناولها في الحصة الصفية، وغالباً ما تبدأ هذه الأسئلة بـ "ماذا"و" أين "و" متى "و" كيف ". ويمكن استخدام هذه الأسئلة بفعالية لتشخيص، واستدعاء معرفة الطلاب المسبقة، أو لتفحص مهارات الاستيعاب لديهم، والبناء على خبراتهم ( McNeil & Wiles, 1990 )، لذا ينبغي على المعلم أن يعد الأسئلة التي سيدور حولها الحوار والمناقشة بشكل جيد، بحيث تكون واضحة، وبسيطة، وذات إجابات قصيرة. وعلى أي حال فإن فعاليـة هـذه الطريقـة تظهر بشكل واضح عندما يضاف إلى أسئلـة الحوار والمناقشة أسئلة من نوع " لماذا " أو " ماذا لو". 

التدريس غير المباشر

تكوين المفهوم: توفر طريقة تكوين المفهوم للطلاب فرصة استكشاف الأفكار عن طريق البحث في طبيعة العلاقات والروابط بين عدد من الحقائق أو المعلومات. ويمكن لهذه الطريقة أن تساعد الطلاب في تطوير قدراتهم على استدعاء المعلومات والتمييز بين عدد من الأفكار الرئيسة، أو للبحث في أوجه الشبه والاختلاف، أو تحديد العلاقات، أو تكوين المفاهيم والتعميمات، أو تفسير كيفية تنظيم المعلومات، أو البحث عن إثباتات لدعم طريقة تنظيم المعلومات. 

       في هذه الطريقة يزود الطلاب بالبيانات حول مفهوم معين، وهذه البيانات يمكن جمعها من المعلم أو من الطلاب أنفسهم، ويتم هنا تشجيع الطلاب على التصنيف أو وضع البيانات في مجموعات، ثم وضع أسماء لهذه المجموعات وفق الخصائص المميزة لها، وعن طريق الربط بين الأمثلة والأسماء المعطاة للبيانات، وبذلك يمكن للطلاب أن يشكلوا فهمهم الخاص بالمفهوم. 

       ويمكن للدروس المبنية على تكوين المفهوم أن تساهم في إثارة دافعية الطلاب للتعلم بشكل كبير، وذلك لان الطلاب أنفسهم يشاركون بفعالية في التعلم وبناء المعرفة. إضافة إلى انها تتيح لهم فرصة تكوين معانيهم الخاصة عن العالم والبيئة المحيطة بهم، وتنظيم هذه المعاني بطرقهم الخاصة وضمن سياقات ووسائل جديدة. 

الاستقصاء: توفر طريقة الاستقصاء للطلاب فرص التعلم عن طريق الخبرة والممارسة لجمع المعلومات والبيانات عن الظواهر والمشكلات. ويلزم لهذه الطريقة مستوى عالٍ من التفاعل بين المتعلم، والمعلم، ومجال البحث أو الدراسة، والمصادر المتوفرة، وبيئة التعلم. ويصبح الطلاب فعّالين في هذه الطريقة عندما:

-       يعملون في ضوء اهتماماتهم وحب استطلاعهم. 

-       يطورون أسئلتهم. 

-       يفكرون في أوجه التشابه والاختلاف. 

-       يبحثون في المشكلات بطريقة تحليلية. 

-       يعيدون النظر في مفاهيمهم السابقة، ويدققون فيما يعرفونه حالياً. 

-       يطورون ويختبرون الفرضيات. 

-       يصلون إلى استنتاجات ويقترحون الحلول المحتملة للمشكلات.

       وتعد مهارة التساؤل قلب طريقة الاستقصاء. وينبغي على الطلاب أن يوظفوا هذه المهـارة في طرح الأسئلة المناسبة وتطوير الوسائل للبحث عن الإجابات وإيجاد التفسيرات. وطبيعة الأسئلة المرغوبة هنا الأسئلة التي تعمل على تطوير مهارات التفكير التباعدي التي تتميز بوجود أكثر من إجابة واحدة صحيحة، وتؤدي هذه الأسئلة إلى التوسع في طرح المزيد من الأسئلة. ومن خلال الاجابة عليها يتوصل الطلاب إلى أن المعرفة التي يقومون ببنائها معرفة نسبية وليست مطلقة، وتقود إلى طرح المزيد من الأسئلة المفتوحة، وصياغة العديد من الفرضيات البديلة. 

الاستقصاء الاستنباطي: تتركز فكرة الاستقصاء الاستنباطي في انتقال الطلاب من التعميمات أو المبادئ العامة إلى الأمثلة أو الحقائق المفردة. وتشمل أيضاً اختبار الافتراضات العامة، وتطبيقها، واستكشاف العلاقات بين مختلف عناصرها. ويكـون دور المعلم هنا ميسراً يتعاون في توفير المعلومات، أوالأفكار، أو الفرضيات. ويعتمد الاستقصاء الاستنباطي على التمثل المنطقي وتنظيم المعلومات والبيانات بأشكال مختلفة. 

الاستقصاء الاستقرائي: تساعد هذه الطريقة الطلاب في بناء الحقائق، وتحديد الأسئلة وتطوير الوسائل لإجابات هذه الأسئلة، وتفسيراتها، وتشجعهم على صياغة فرضياتهم الخاصة. وتتطلب هذه الطريقة من الطلاب الانتقال من المشاهدات أو الحقائق المفردة إلى صياغة التعميمات أو المبادئ العامة. ولمساعدة الطلاب على التعلم بهذه الطريقة يقوم المعلم باختيار مجموعة من الأحداث أو الظواهر، ثم يقوم الطلاب بتسجيل ملاحظاتهم، ومشاهداتهم الخاصة، واستنتاج نمط يربط بين هذه المشاهدات للوصول إلى إطار نظري يطلق عليه التعميم ( نظرية أو قانون أو مبدأ عام )، كما ينبغي على المعلم تشجيع طلبته على التعاون والمشاركة في الأفكار فيما بينهم. 

التدريس التفاعلي

الحوار والمناقشة: يدرك المتعلمون أن للمعرفة أكثر من إجابة صحيحة، وانه يمكن اكتسابها عن طريق الاستقصاء والمشاركة الفاعلة. إن طريقة المناقشة يمكن تكييفها مع العديد من المواقف الصفية. وكمثال على ذلك يمكن التعامل مع جميع طلاب الصف كمجموعة مناقشة واحدة، إذ يمكن للمعلم ملاحظة اهتمام الطلاب بموضوع معين أثناء تقديمه لعرضه، ويكون هذا الموضوع نقطة البدء بالمناقشة. وتعمل هذه الطريقة على توفير مناخ صفي ايجابي وتقود الطلاب للاهتمام بالموضوعات التي تطرح داخل الغرفة الصفية، ويمكن للمعلم هنا أن يقوم بتدريب طلبته على الاستماع الفاعل، والبناء على إجاباتهم. 

         وتبنى المناقشات الفاعلة عادة على مواد ومصادر تعلم مألوفة للطلاب. وتظهر المشكلة للمعلم عند استخدامه لهذه الطريقة عندما لا تظهر استجابات للطلاب على القضية المطروحـة للنقاش، وفي هذه الحالة ينبغي تشجيع الطلاب على إبداء الرأي، ثم مناقشة جميع الآراء المطروحة للوصول إلى فهم مشترك للقضية المطروحة، وينبغي أن يتأكد المعلم أن طلبته يفهمون الأفكار الرئيسة وتطبيقاتها في المواقف الجديدة. وتجدر الإشارة إلى أن بعض المناقشات قد تقود الطلاب إلى مزيد من البحث مستقبلاً. 

السؤال والجواب: عندما يستخدم المعلم طريقة السؤال والجواب بفعالية، يشعر طلبته بالبراعة والإبداع، فعندما يطرح المعلم أسئلته ينبغي أن يستجيب الطلاب لهذه الأسئلة، وان لا يوجهوا حديثهم للمعلم فقط بل إلى أقرانهم أيضاً. وهنا على المعلم أن يراعي وقت الانتظار بعد طرح الأسئلة، وإتاحة الفرص لهم للاستجابة وذلك لزيادة مشاركتهم وتحسين نوعية الإجابات التي يتلقاها. 

مجموعات التعلم التعاوني: تعد جميع العناصر التي يشملها التعلم التعاوني ضرورية لجميع طرق التدريس التفاعلية. وتكون مجموعات التعلم التعاوني عادة صغيرة الحجم يتراوح عدد أعضائها من 2 إلى 6 أعضاء، وتكون هذه المجموعات غير متجانسة اعتماداً على خصائص الطلاب، ويكون لكل عضو في هذه المجموعات دوره الخاص، ويتبادلون الأدوار عادة بين فترة وأخرى، وعلى كل عضو في هذه المجموعات أن يحترم الرأي والرأي الآخر. 

وتشير الدراسات التي أجريت حول فاعلية مجموعات التعلم التعاوني مقارنةً بالتعلم التنافسي إلى انه يؤدي إلى تحسن في تحصيل الطلاب، ويثير الدافعية للتعلم، ويوفر جو من التعاون والألفة بين أعضاء المجموعة الواحدة، ويحسن الإتجاهات الإيجابية نحو المبحث الذي يتم تعلمه بهذه الطريقة، ونحو معلم المبحث نفسه، وزيادة الثقة بالنفس، وتحسين المهارات الاجتماعية، وامتلاك القدرة على الحديث، والمناقشة مع الآخـــرين   ( Johnson and Johnson, 1989 ). وإضافة إلى ذلك يشير سلافين ( Slavin, 1987) إلى ضرورة توفر شرطين لنجاح التعلم بهذه الطريقة: ينبغي أن يعمل جميع الأعضاء نحو تحقيق هدف مشترك، ولضمان الوصول إلى الهدف المشترك ينبغي أن يكون جميع أعضاء المجموعة فاعلين في العمل نحو تحقيق هذا الهدف. 

التعلم المبني على الخبرة

المحاكاة: لبدء نشاطات المحاكاة، يقوم المعلم بتقديم مشكلة أو موقف أو حدث يمثل بعض جوانب الواقـع من مواقف حياتيـة. ولأن الخبرة هي عملية محاكاة ينبغي التخلص من أية مخاطر أو تعقيدات يمكن أن ترتبط مع تمثيل الواقع. أضف إلى ذلك أن مستوى التجريد أو التعقيد يتم اختزاله بشكل مقصود حتى ينخرط الطلاب مباشرة في تعلم المفاهيم الأساسية، إذ تسمح طريقة المحاكاة كذلك بإجراء بعض التجارب التي قد لا تحدث في البيئة الحقيقية. ويمكن أن تتضمن عمليات المحاكاة استخدام النماذج أو تصميم بعض الألعاب أو لعب الدور أو الحاسوب التفاعلي أو برامج الفيديو، وفي جميع الحالات يتم إثارة دافعية الطلاب، وحب استطلاعهم للمشاركة في نشاطات المحاكاة. 

وخلال نشاطات المحاكاة يصبح الطلاب مشاركين فعالين في عمليات التعلم. ويمكن أن يرتبط العديد من أهداف التعلم بطريقة المحاكاة. ويقوم بعض الطلاب بالتركيز على تطبيق معارفهم، ومهاراتهم، وقدراتهم المسبقة، بينما يقوم البعض الآخر بالتركيز على اكتساب معرفة جديدة أو الفهم أو الاستبصار وإدراك المعرفة. وتعمل معظم نشاطات المحاكاة على تحفيز وتطوير مهارات التفكير الناقد والإبداعي، وتطوير مهارات التفاعل الاجتماعي بين الطلاب، وتنمية الاتجاهات والقيم الايجابية. 

الخيال المركز: تدريب الطلاب على تخيل الأشياء أو الأحداث أو المواقف طريقة تكسب الطلاب القدرة على تطوير مهاراتهم الإبداعية (Bagley & Hess, 1987). فالتخيل يقود الطلاب إلى الاسترخاء ويسمح لهم بعمل تخيلات للتأمل بالنشاطات التي يقومون بتنفيذها، وبناء الصور الذهنية التي يبنونها نتيجة الاستجابة لحواسهم التي تختبر وتلاحظ المواقف والظواهر والأشياء مباشرة. ويؤدي التخيل إلى إتاحة الفرصة للتفكير المتشعب والتوسع في التعرف على عدد كبير من المفاهيم المرتبطة بمشكلة أو دراسة ما. ويسمح للطلاب بربط خبراتهم ومعارفهم السابقة بالأفكار والمعارف الجديدة التي يتعلمونها. وتؤدي تمارين التخيل داخل غرفة الصف إلى تنشيط وتطوير القدرات الإبداعية للطلاب، ويتم ذلك بتشجيع المعلم لطلبته على التفكير التباعدي بوضعهم في مواقف تجعلهم يتخيلون حلولاً متعددة لمشكلة ما. 

التعلم الذاتي

الأسئلة المعينة: وهي تلك الأسئلة التي يعدها المعلم ويطلب من طلبته الإجابة عنها بشكل فردي أو من خلال مجموعات العمل الصغيرة. ويقوم الطلاب هنا بمناقشة إجابات الأسئلة مع أقرانهم من ناحية أو مع معلمهم من ناحية أخرى، وينبغي أن تدعم الإجابات أو وجهات النظر بالإثباتات العلمية، وتظهر فعالية هذه الطريقة في التدريس عندما لا تكون إجابة الأسئلة روتينية أو ميكانيكية يتم استخراجها من كتاب أو مرجع بشكل مباشر، إذ على المعلم إعداد أسئلة تهدف إلى مراجعة المفاهيم أو الحقائق العلمية أو النظريات وتحتاج إلى مزيد من التفكير والبحث، وتوظيف مهارات تفكير عليا أو مهارات حل المشكلات والاستقصاء، وبذلك تظهر آراء وحلول متعددة للسؤال الواحد أو المشكلة الواحدة.  

التعلم بالعقود: يتيح التعلم عن طريق العقود فرصة تفريد التعليم، وتحميل الطالب مسؤولية تعلمه، ومن ميزات هذه الطريقة أن المتعلم يكتسب المعرفة بحسب قدراته حتى إتقانه المحتوى المطلوب حسب العقد المبرم مع معلمه. ويمكن للمعلم أن يستخدم هذه الطريقة مع بعض الطلاب ذوي الحاجات الخاصة (الموهوبين أو ذوي صعوبات التعلم). وعندما يبدأ الطالب التعلم باستخدام العقود، ينبغي على المعلم تزويده بأهداف التعلم المطلوبة، ويحدد له بعض مصادر التعلم، والوقت اللازم لتنفيذ المشروع. وعندما يكتسب الطلاب خبرة التعلم عن طريق العقود يمكن للمعلم أن يشركهم في وضع أهداف التعلم، ووضع الشروط الأخرى للعقد، وهنا يسمح لهم باختيار منهجية العمل، أو طرق تنفيذ النشاطات المرافقة للمشروع. ويمكن لهذه الطريقة أن تعمل على إثارة دافعية الطلاب، وحب استطلاعهم لمزيد من التعلم. وبعد اكتسابهم الخبرات اللازمة يمكن أن يتعلموا بشكل ذاتي، وبالتالي يمتلكون مهارات تعليم أنفسهم، ومشاركة ما يتعلمونه مع الآخرين. 


         تعد مهارات التدريس من أكثر سلوكات التعليم تحديداً، وتستخدم بشكل دائم كجزء هام من ممارسات عملية التدريس، وهي ضرورية لأغراض إجرائية ولبناء خبرات التعلم المناسبة لدى الطلاب. ومهما تكن خبرة المعلم أو فعاليته فان تطوير مهاراته في التدريس تعد تحدياً مستمراً. وهناك العديد من مهارات التدريس وممارساته، بعضها أكثر استخداماً من الأخرى، وبعضها الآخر أكثر تعقيداً، ويعتمد اختيار هذه المهارات بشكل رئيس على خصائص الطلاب، ومتطلبات المنهاج، وطرق التدريس المختارة. وفيما يلي توضيح لمهارتين منها:

مهارتي التفسير والعرض

       يأخذ المعلم وقتاً طويلاً في غرفة الصف في تفسير وتوضيح أمر ما لجميع طلاب الصف، أو لمجموعـة عمل صغيرة، أو حتى بشكل فردي، إذ إن معظم مصادر التعلم ومواده المتوفرة للطالـب لا تعطي تفسيرات أو توضيحات ذات قيمة للمفاهيم، ولـذلك فإن معظم الطلاب في الغالب يحتاجون إلى توضيح وتفسير هذه المفاهيم. 

التفسير

        تعطى بعض التفسيرات لتساعد الطلاب على اكتساب فهم أعمق لمفهوم معين أو فهم بعض النظريات أو التعميمات, ولذلك على المعلم اختيار التعريف المناسب للمفهوم وكذلك الأمثلة المنتمية وغير المنتمية للمفهـوم.  ويقتـرح شوستاك ( Shostak, 1986 ) أن توضح التفسيرات ما يلي:

-       علاقات السبب والنتيجة (كإضافة الحمض إلى القاعدة). 

-       أي فعل محكوم بقاعدة أو قانون (توضيح متى يكتب الحرف كبيراً في اللغة الانجليزية). 

-       خطوات عمل أو طريقة ما (كتوضيح خطوات حل مسألة رياضية). 

-       الهدف من القيام بعمل أو نشاط ما (توضيح الهدف من عمل درامي أو مسرحي). 

العرض

        يحدث معظم تعلم الطلاب من خلال ملاحظة الآخرين، وتوفر العـروض التي يقدمها المعلـم رابطــاً بيـن " التعرف حول أمر ما " و " امتلاك القدرة على القيام بعمل ما "، وأكثر العروض فعاليـة هي تلك التي تتميـز بالدقـة، ووضوح المشاهدة، وفهم الطلاب لما يجري في هذه العـــروض، والتي تترافـق مع تفسيرات ومناقشـات مختصرة (Arenas, 1988). 

مهارة طرح الأسئلة

       تعد مهارة طرح الأسئلة من أكثر المهارات استخداما داخل الغرف الصفية. وعندما يقوم المعلم بتوظيف هذه المهارة بشكل جيد فإنه يحقق:

-       درجة عالية من مشاركة الطلاب عندما تتوزع الأسئلة على أكبر عدد ممكن في الغرفة الصفية. 

-       خلطاً مناسبا للأسئلة المستخدمة من مستويات معرفية مرتفعة ومتدنية. 

-       زيادة فهم الطلاب للموضوعات المطروحة. 

-       إثارة وتوجيه وتوسيع مهارات التفكير لدى الطلاب. 

-       تقديم التعزيز والتغذية الراجعة المناسبة للطلاب. 

-       تعزيز مهارات التفكير الناقد. 

-       تشجيع المهارات والمبادرات الإبداعية للطلاب. 

       يجب أن يخطط للأسئلة الجيدة بعناية، وطرحها بوضوح وبشكل مباشر لتحقيق أهداف محددة مسبقاً. إن فهم المعلم لتقنيات طرح الأسئلة، ووقت الانتظار، ومستوى الأسئلة تعد أمورا أساسية لإعداد أسئلة جيدة. وينبغي أن يعرف المعلم أن استجابات طلبته تختلف من طالب لآخر, ولذلك ينبغي أن يراعي هذا الأمر عند إعداد الأسئلة وبخاصة عندما يشمل الصف طلاب من ثقافات وحضارات أو بيئات مختلفة.

تقنيات طرح الأسئلة

       يجب أن يعمل المعلم على لفت انتباه طلبته قبل أن يبدأ بطرح الأسئلة. وان يقوم المعلم بطرح سؤاله لجميع طلاب الصف قبل أن يختار احد الطلاب للإجابة, وان تتوزع الأسئلة على فئة الطلاب الذين يرغبون والذين لا يرغبون بالإجابة، وان يشجع طلبته على الحديث لجميع طلاب الصف عند إجابتهم عن الأسئلة المطروحة. وعلى أي حال ينبغي على المعلم أن يكون حساساً وبخاصة للطلاب الذين يخجلون من الحديث أمام أقرانهم داخل الصف، وان لا يجعل من طالب واحد مركز الاهتمام في الغرفة الصفية. 

وقت الانتظار

       يعرف وقت الانتظار على انه فترة التوقف المؤقت بين طرح السؤال وتلقي الإجابة. وتوفير وقت انتظار آخر بعد أن يستجيب احد الطلاب يسمح للطلاب الآخرين التأمل في إجابة زميلهم وهذا يتيح مجالاً أوسع لمناقشات إضافية. إن زيادة وقت الانتظار يؤدي إلى تلقي إجابات أكثر من الطلاب وينشط مستويات التفكير العليا لديهم. 

مستويات الأسئلة

         بينما يكون هناك حاجة إلى استدعاء واستيعاب الحقائق، تظهر الحاجة إلى تحدي الطلاب بأسئلة من مستويات تفكير عليا مثل التحليل أو التركيب أو التقييم. وهناك حاجة إلى طرح أسئلة من مستويات تفكير مختلفة في كل المراحل التعليمية وفي كل الموضوعات الدراسيـة. وينبغي إتاحة الفرص لجميع الطلاب للاستجابة لجميع مستويات الأسئلة. ويتحمل المعلمون مسؤولية قيادة الطلاب، وعمل المداخلات التي تسهل تعلم الطلاب، والإجابة عن جميع الأسئلة من مستويات التفكير المتعددة. 

خاتمة

          ما يتعلمه الأطفال لا يعتمد على ما يتم تعليمهم إياه فقط، وإنما على الطريقـة التي يتعلمون بها، وعلى مستوى تطورهم، واهتماماتهم، وخبراتهم،. . . . وهذه النظرة إلى التعليم والتعلم تحتاج من المعلمين مزيداً من التركيز والانتباه لنماذج التدريس، واستراتيجياته، وطرقه، ومهاراته المستخدمة في تقديم المحتوى التعليمي للطلاب. 



المرجع :

http://scienceobeikaneducation.blogspot.com/2014/12/blog-post_83.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق