السبت، 10 ديسمبر 2016

المعلمون والأخطاء المهنية

أن هناك معلمين متمكنين من مادتهم العلمية وهناك معلمون آخرون غير متمكنين من مادتهم العلمية في ممارساتهم للعملية التدريسية، ويقصد بالتمكن امتلاك القدرات التي تساعد على ممارسة التدريس بصورة مناسبة ومستوى أدائي مقبول إذا ما قورن بمعايير الكفايات التي ينبغي أن يتصف بها كل معلم متميز. ويهمنا في هذا المجال وصف أداء المعلمين غير المتمكنين الذين غالباً ما يقعون في أخطاء تدريسية تحد من تميزهم، وتقلل نسبة نجاحهم. وعندما نتحدث عن الأخطاء عند هؤلاء المعلمين فما ذلك إلا لأنهم مثلهم مثل غيرهم من البشر يصيبون ويخطئون، ولأنهم يعملون ومن يعمل يخطىء ويصيب، وكما قال الحكماء: ليس الخطأ هو ارتكاب الخطأ، بل الاستمرار في الخطأ هو الخطأ بعينه. وحين نلقي نظرة على واقعنا التدريسي نجد أن ثمة أخطاء تدريسية يقع فيها بعض المعلمين سواء القدامى منهم أو الجدد على حد سواء، وهذا يرجع لأسباب مثل:
أولاً: أسباب عامة:
1-ضعف برنامج الإعداد التأهيلي التعليمي والتربوي لدى بعض المعلمين قبل الالتحاق بالخدمة، بمعنى أن البرنامج الذي تلقوه لم يكن قادراً على أن يجعلهم يعيشون مواقف التدريس الحقيقية، أو أن الوقت الذي كان مخصصاً للتربية العملية كان قصيراً جداً. 2- قلة الخبرة في التدريس، حيث إن الخبرة في مجال التدريس مهمة جداً، فكلما طالت الخدمة وعززت زادت ثقة المعلم بنفسه أكثر، وكلما قصرت سنوات الخدمة في التدريس كان أدعى إلى عدم الثقة بالنفس. 3- إن عدم وجود «دليل للمعلم» يكون خاصاً بكل مادة تعليمية، يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية التدريسية لديه، خصوصاً أنه من الملاحظ أن المعلم حينما يطلب منه تنفيذ المنهج لا يكون بين يديه إلا كتاب مدرسي أعد ليستخدمه الطلاب، وبالتالي فإن ما يرد فيه من المقدمة وقوائم المحتويات والمادة العلمية والوسائل التعليمية والأسئلة أعدت أصلاً ليستخدمها الطلاب في دراستهم للمادة العلمية. ثانياً أسباب خاصة: ثمة أخطاء خاصة تعود إلى «النواحي التخطيطية الكتابية، والتنفيذية المتمثلة في أداء الدرس» ومنها:
(أ) قيام بعض المعلمين بإلقاء دروسهم، دون وضع خطط لها، والارتجال في التحضير من أكبر الأخطاء التربوية التي يقع فيها المعلمون، لما يترتب عليها من أمور تربوية مهمة للغاية.
(ب) بعض المعلمين لا يقومون بتحديد أهداف الدرس، مع أن تحديد أهداف الدرس مهم للغاية ويعتبر من أهم عناصر التحضير، مما يترتب عليه الخلط بين الأهداف العامة والأهداف التعليمية.
(ج) هناك معلمون يقومون بإلقاء دروسهم دون التأكد من صحة المادة العلمية ومن عدم وجود أخطاء علمية أو تربوية فيها، وهذا راجع إلى أن المعلم لم يهتم به الاهتمام المطلوب، أو ربما لم يرجع إلى المصادر والمراجع ليعلم من حقائق المادة ومعلوماتها أوسع مما يتضمنه درسه.
(د) هناك من يعرض الوسيلة التعليمية دون إلقاء نظرة عليها ودراسة محتوياتها وما تشتمل عليه من نقاط أو عناصر أساسية مهمة للدرس، حتى إنه أثناء إعطاء الدرس، ربما يقع بعضهم في الخطأ بسبب عدم استطاعته تحديد العناصر المتعلقة بالدرس، وأحياناً يلجأ المعلم إلى عرض الوسيلة طيلة الدرس مما يجعلها حينئذ وسيلة تشويش بدلاً من أن تكون وسيلة تعليم. (هـ) بعض المعلمين تظهر الأخطاء التدريسية لديهم حين إلقاء الأسئلة، فقد يكون السؤال أحياناً غير محدد الهدف، أو غير واضح في صياغته.
(و) وقد يدهش بعضنا إذا وجد أن بعضاً ممن يقومون بالتدريس- سواءً أكانوا معلمين متخصصين أم غير متخصصين في المادة- لا يتكلمون باللغة العربية الفصحى أثناء شرحهم للدرس، بل يتكلمون العامية، كما أنهم لا يحاسبون الطلاب على أخطائهم اللغوية والنحوية والإملائية، بحجة أن معلم النحو وحده هو المسؤول عن ذلك، أما من يدرس أي مادة أخرى فإن لديه اعتقاداً أنه غير مسؤول عن الإشارة إلى الأخطاء. وخلاصة القول أن ثمة جهوداً ينبغي أن تبذل في مختلف جوانب العمل في مجال التدريس، على أن تتسم هذه الجهود بالتقويم اليومي المستمر، وببذل المزيد من الجهود والعطاء غير المحدود كي نتخلص من الأخطاء التي نقع فيها أو على الأقل التقليل منها والحد من أثرها، فإذا كانت الغاية من إعطاء درسنا اليومي هي أن يكون الدرس خالياً من الأخطاء فإن هذه الغاية ينبغي أن تخدم خدمة فائقة، ذلك لأنه عن طريق هذا الدرس يتم نقل المعرفة إلى الطلاب، ويتم عن طريقها تعزيز جميع القيم التربوية والسلوكية، وعليه فإنه ينبغي أن يتمثل الاهتمام بالدرس اليومي بما يلي:
1- يجب على كل معلم أن يعد دروسه إعداداً جيداً، وأن يهتم بتحديد أهدافه التعليمية عند تحضيره لدروسه، بل يهتم بتحقيقها، ذلك لأن تحقيق أهداف الدرس هو الغاية التي يسعى المعلم إلى بلوغها بأيسر وأفضل الطرق التدريسية، ما يوفر عليه الوقت والجهد، وينأى عن التخبط والارتجال، وبالتالي يسلم درسه من الأخطاء والقصور.
2- يجب على كل معلم قبل إلقاء الدرس اليومي أن يتأكد من صحة المادة العلمية، ويتحقق من عدم وجود أخطاء فيها، فقد دلت التجارب على أنه يصعب على الطلاب أن يتخلصوا من تأثير الخطأ الذي يتركه المعلم في نفوس طلابه بقوله وعمله.
3- ينبغي على كل معلم أن يعلم من حقائق المادة أكثر مما يتطلبه الدرس اليومي، ويكون ذلك بالرجوع إلى مصادرها الموثوق بها «المكتبة» حتى يتمكن من هضم حقائقها، مما يجعله مستعداً للإجابة عن أسئلة الطلاب، التي من المحتمل أن يوجهوها إليه، وهذا يزيد من محبته لديهم، ويرفع شأنه بينهم.
4- أن يتحدث المعلم باللغة العربية الفصحى أثناء شرح الدرس اليومي، وأن يأخذ بأيدي طلابه شيئاً فشيئاً بغية الانتقال بهم من العامية إلى الفصحى، والفصحى المقصودة في هذا المجال هي اللغة ذات الأسلوب السهل الميسر. 5- أن تقام دورات تدريبية لتمكين المعلمين من مستحدثات التربية وطرائق التدريس، وأن يخضع المعلمون سنوياً إلى تقويم يكشف مدى إتقانهم التدريس.
6- أن تعد الوزارة دليل معلم لكل مادة دراسية، وذلك لأهمية الدليل بالنسبة للمعلم حينما يقوم بتنفيذ المنهج ليسترشد به، يكون هذا الدليل موجهاً ومرشداً للمعلم والمتعلم على حد سواء.
7- محاولة رصد الأخطاء الشائعة في مجال التدريس، وتعميمها على المدارس بهدف تنفيذها وتلافيها وتداركها من قبل المعلمين، أو التطرق إليها في اللقاءات التنشيطية عندما يعقدها المشرفون التربويون مع المعلمين في إدارات التعليم. 8- ألا تستخدم الواجبات المنزلية كعقاب على سوء السلوك الفردي من أحد الطلاب، إذ إن مثل هذا الإجراء يساعد في القضاء على القيمة الحقيقية للعمل المدرسي في العملية التعليمية. وهكذا نلاحظ أن من مظاهر الأخطاء التدريسية عند بعض المعلمين أنها شملت مختلف جوانب التدريس، من الأهداف إلى المادة العلمية إلى الوسيلة إلى التقويم ، ومما يؤسف له أن هذا الواقع الذي يحدث في درسنا اليومي يدعو إلى أهمية المبادرة لمعالجة هذه الأخطاء بكل موضوعية ، لأنه من الواجب علينا الاهتمام بها، وألا تمر هذه الأخطاء علينا دون أن نتدخل لإصلاحها وإيجاد الحلول المناسبة لها. عزاؤنا في هذا الأمر أن الأخطاء من طبيعة البشر على هذه البسيطة، وليس المهم أن نخطئ، لكن الأهم أن نتعلم من أخطائنا ليكون عملنا سليماً محققاً لنجاحاتنا المستقبلية.


المرجع : http://www.edutrapedia.illaf.net/arabic/show_article.thtml?id=1063

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق